تمر اليوم الذكرى الثانية لتلك الحادثة غير المسبوقة التي تعرضت لها نقابة الصحفيين لأول مرة منذ تأسيسها قبل نحو 77 عاما، وهي اقتحام لشرطة لمقر النقابة وإلقاء القبض على صحفيين هما "عمرو بدر" و"محمود السقا" من داخل مقر النقابة، لاتهامهم بالتحريض على التظاهر.
حدثت تلك الواقعة في الأول من مايو عام 2016، وقبل ساعات من اليوم العالمي للصحفيين، وخلال احتفالات النقابة بعيدها الماسي برعاية رئيس الجمهورية.
وكانت بمثابة صاعقة على أبناء "صحابة الجلالة" إذ لم تتعرض في تاريخها لمثل ذلك، في ظل نص قانوني بالمادة 70 من قانون النقابة على "ألا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها".
في هذه الأثناء اتشحت الصحف بالسواد وأعلنت الحداد على حرية الصحافة، بعدما اقتحمت الشرطة مقر نقابة الصحفيين، لأول مرة في تاريخها، بدعوى القبض على اثنين صحفيين مطلوبين أمنيا، لكونهما ضمن حملة "تيران وصنافير مصرية"، واتهامهم بنشر أخبار كاذبة ومحاولة قلب نظام الحكم.
انتفض الصحفيون حينها ضد ما اعتبروه اعتداء على المهنة أيضا، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، ورفعت الصحف شعار الحداد الأسود على صدر صفحاتها الورقية ومواقعها الإلكترونية.
ومع تصاعد غضب الصحفيين أصدرت النيابة العامة آنذاك، بيانا قالت فيه إن "بدر" و"السقا" كان ضمن مجموعة متهمة بنشر الأخبار والإشاعات الكاذبة، واستغلالها في الدعوة والتحريض من خلال موقع فيسبوك تزامنا مع الاحتفال بأعياد تحرير سيناء، واستغلال تلك التظاهرات في الاشتباك مع قوات الشرطة وأفراد القوات المسلحة والاعتداء على المنشآت العامة والحيوية ومهاجمة الأقسام".
وأضاف البيان أن المعلومات والتحريات أظهرت حيازة هؤلاء العناصر أسلحة نارية وقنابل "مولوتوف" ومطبوعات ومنشورات تحريضية، وهو ما أظهر أن تلك المخططات تؤثر حتما على أمن وسلامة البلاد، بحسب البيان.
ولم تقف الواقعة عند هذا الحد، بل أنه تم إلقاء القبض على نقيب الصحفيين آنذاك يحيى قلاش ووكيلا النقابة حينها خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، بتهمة إيواء صحفيين مطلوبين أمنيا، وصدر بحقهم حكم بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه، قبل أن تقضي محكمة جنح مستأنف قصر النيل، في 25 مارس 2017 بقبول استئناف "قلاش والبلشي وعبد الرحيم"، وقضت بتخفيف الحكم إلى سنة لكل متهم مع الإيقاف لمدة ٣ سنوات.
ومع مرور 3 سنوات على تلك الواقعة أحيى صحفيون ذكرى اقتحام النقابة، واصفين إياها بـ"السنوات العجاف"، لما دار فيها حجب للمواقع، واستحواذ على مؤسسات صحفية خاصة، وحصار للمحتوى الصحفي، بحد قولهم.
وبصفته كان نقيبا للصحفيين أثناء الواقعة استرجع يحيى قلاش بعضا من مشاهد اقتحام النقابة، التي وصفها بـ"جريمة غير مسبوقة لا تسقط بالتقادم".
ويقول قلاش :"ستظل واقعة اقتحام نقابة الصحفيين في مثل هذا اليوم ( ١مايو ٢٠١٦ ) جريمة غير مسبوقة لا تسقط بالتقادم، و لن يغير من هذه الحقيقة مواقف كل الذين انتقلوا من الإسراع الفوري بإدانة الحدث الذي تحول البهلواني باختراع شماعة "سوء إدارة النقابة للأزمة"، أو موقف من أدوا أدوارا تم تكليفهم بها لتنفيذ مخطط تخريب المسار الذي أسموه زورا "تصحيح المسار" فكان ما وصلنا إليه و شّكل مكونات اللوحة القاتمة لواقعنا المهني و النقابي.
وأضاف قلاش عبر صفحته على فيس بوك:"بدأ الهجوم أولا على الكيان النقابي، و على كل الذين تصدوا للدفاع عنه أداءً لواجبهم، ثم بدأت عملية سن التشريعات التي تحايلت و التفت على كل المكتسبات التي أتى بها الدستور انتصارا لكفاح أجيال من الصحفيين و قوى المجتمع الحي ، و الذي مهد له الذهاب "ببهلوانات و كومبارسات المسار" في زفة إلى البرلمان، ترفض مشروع القانون الموحد، و تبايع بيع المهنة، و تبارك اغتيالها، انتهاءً بلائحة بائسة تقوم بإعدام ميت، وتمثل بجثته، و تقدم الغطاء لتعليمات إغلاق المواقع و تشريد الصحفيين".
وواصل حديثه :"و قد حصل بعض" الكومبارس " مقابل ذلك على ثمن بخس بتوليهم مواقع وكراسي زائلة مهما طال جلوسهم عليها، لكن سيظل رفض هذه الجريمة - في اجتماع تاريخي للجمعية العمومية في الرابع من مايو ٢٠١٦، و الذي دافع فيه آلاف الصحفيين عن كبرياء الكيان النقابي - يمثل يوما للشرف والكرامة، لأنه انتصر لما هو خير و أبقى في وجه كل ما هو قبيح وزائل".
وطالب نقيب الصحفيين السابق كل من شارك لحظات اقتحام نقابة الصحفيين من الزميلات والزملاء خاصة الشباب منهم الذين تصدروا المشهد في هذا اليوم، وكل الذين تضامنوا مع الصحفيين من قوى ونقابات ورموز وطنية، أن يكتبوا شهادتهم عنها، و أن يفتخروا بها ، كي يحفرونها و يجعلونها حية في الوجدان و الذاكرة، لأنها هي التي ستنبت زهورا وتصنع المستقبل، و تحبط كل محاولات فرض الصمت على وقائع هذه الأحداث الفارقة .
ويقول محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن ما جرى خلال تلك السنوات العجاف من "حجب مواقع، والاستحواذ على مؤسسات صحفية خاصة، وحصار للمحتوى الصحفي بفرض قوائم ممنوعات يومية على إدارات التحرير، ووقف طبع شبه يومي لعدد من الصحف التي تجاوزت عن غير قصد تلك القائمة، ثم تقنين كل تلك الإجراءات غير القانونية بتشريعات ولوائح غير دستورية".
وأضاف عبد الحفيظ، عبر صحفته على فيس بوك:"كل ما سبق أثبت للجميع أن قرار الاقتحام لم يكن الإ تكأة للبدء في تنفيذ خطة "التأميم الشامل" للمهنة وكل ما يتعلق بها، اُعتمدت تلك الخطة منذ بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وما تبعها من مظاهرات غضب احتضنتها نقابة الصحفيين، ونقلت أحداثها بعض المنصات الصحفية".
وأشار إلى أن مجلس نقابة الصحفيين حاول بقيادة يحيى قلاش أن يتعامل ويقاوم ومن خلفه الجمعية العمومية، لكن للأسف في الوقت الذي كنا نواجه فيه خصم واضح يكره الصحافة ويعادي نقابة الحرية، اختار بعض المنتسبين زورا إلى نقابة الصحفيين، أن يطعنوا نقابتهم ومهنتهم من الخلف واختاروا الوقوف مع سلطة تستهدف إخضاع الصحافة، بحد قوله.
واستطرد :"وتم جمعهم في قاعة بـ"الأهرام" فيما سمى حينها مؤتمر "تصحيح المسار" رغم حضور بعضهم اجتماع الجمعية العمومية للنقابة التي أعلنت الغضب ضد قرار الاقتحام".
وتابع:"بالطبع حصل كل من اصطف مع السلطة الكارهه للصحافة من أعضاء تنظيم "تصحيح المسار" على مكافأته وتم تعيين معظمهم على رأس مؤسسات وإصدارات صحفية، وتم تقريبهم وأصبحوا لسان حال السلطة، وحاول بعضهم تحويل الدفة بالهجوم على نقيبنا السابق ورفاقه من أعضاء المجلس وتصويرهم على أنهم سبب الأزمة".
واختتم عبد الحفيظ حديثه قائلا :"باليقين ستنتهي تلك المأساة قريبا، وقريبا جدا، وسيطوي التاريخ صفحة السلطة ورجالها في الصحافة والإعلام، وستعود صاحبة الجلالة، فالأنظمة زائلة والصحافة باقية.
وقال عمر بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين :"زي النهارده من ٣ سنين كانت جريمة اقتحام نقابة الصحفيين، لأول مرة في تاريخها، وزي النهارده كمان كانت البداية لجيل مبشر ورائع من شباب الصحفيين اللي اتصدوا بغضبهم النبيل للجريمة البغيضة".
وأضاف عبر صحفته على فيس بوك :"زي النهارده كان التاريخ بيخلد الزميل الأستاذ يحيي قلاش نقيب الصحفيين الأسبق كأحد النقباء الكبار، قولا وفعلا، في تاريخ قلعة الحريات وبيكتبه كأحد العظماء اللي أدركوا معنى وقيمة نقابة الصحفيين ..وقوتها المعنوية المذهلة".